ناقوس الخطر ؛ انتشار الإلحاد بصور جديدة بين شبابنا !!

    خطورة الإلحاد الجديد بين الشباب ؛ التعريف ؛ العوامل ؛مظاهره ؛ خلفياته ؛ آثاره !!

      هل الإلحاد الجديد بين الشباب ظاهرة فكرية أم أزمة قيم و تربية   ؟؟

   يشهد العالم العربي والإسلامي خلال العقود الأخيرة تحولات فكرية وثقافية عميقة، 

ساهمت في ظهور  أنماط جديدة من التفكير و الاعتقاد، من أبرزها ظاهرة "الإلحاد الجديد"، 

وخاصة بين فئة الشباب...

  حيث لم يعد الإلحاد مقتصرا على بعض النخب الفكرية أو المتأثرين بالمدارس الغربية، 

بل أصبح تيارا واضح المعالم، يجد صداه على مواقع التواصل الاجتماعي 

ومنصات النقاش المفتوح، ما يثير تساؤلات حول أسبابه الحقيقية، ودلالاته المجتمعية والثقافية.

1  ــ مفهوم الإلحاد الجديد   :

  الإلحاد الجديد لا يقتصر على إنكار وجود الله فقط، بل يتعداه إلى نقد الدين عموما، 

ورفض المؤسسات الدينية، بل أحيانا السخرية منها. 

ويتميز الإلحاد الجديد بكونه نشطا، هجوميا، إعلاميا، ومنظما أحيانا، 

عكس الإلحاد الكلاسيكي الذي كان يكتفي بموقف شخصي غير معلن في الغالب.

     الإلحاد كلمة عربية فصيحة يراد بها الميل عن الشيء ؛ والابتعاد عنه ؛

  قال الخليل - رحمه  الله تعالى ـ   واللحد : ما حفر في عرض القبر، وقبر ملحد... 

والرجل يلتحد إلى الشيء : يلجأ إليه ويميل، وألحد إليه ولحد إليه بلسانه أي مال .

وألحد في الحرم؛ ولا يقال : لحد ؛ إذا ترك القصد ومال إلى الظلم ؛

ومنه قوله  تعالى :"ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم"  يعني في الحرم   .

       وقال ابن فارس - رحمه الله تعالى - في معناها :   لحد : اللام والحاء والدال أصل 

يدل على ميل عن استقامة ؛ يقال  : ألحد الرجل، إذ مال عن طريقة الحق والإيمان ؛

وبمعنى آخر :   الملحد : العادل عن الحق المدخل فيه ما ليس منه  .

        والذي يتضح مما تقدم أن مصطلح الإلحاد في اللغة ؛ 

هو مصطلح عام يتضمن الميل ؛والعدول عن الاستقامة ؛ وعن الدين ؛فهو يستعمل 

في كل معوج غير مستقيم  ؛ فأصل الإلحاد في كلام العرب : هو العدول عن القصد ؛

 والميل والجور ؛ والانحراف.

      مفهوم الإلحاد في الشرع  :   هو الميل عن الدين الحق ؛  فقد يكون الإلحاد بالشرك 

وإعطاء خصائص الألوهية لغير الله تعالى ؛  أو بإشراك آلهة أخرى مزعومة معه ؛ 

وقد يكون الإلحاد بإنكار وجود الله تعالى ...

     2 ــ الأسباب والعوامل المؤدية للإلحاد بين الشباب   :

    أ ــ الأسباب الفكرية والعقدية   :

ـ  ضعف التكوين الديني :

 كثير من الشباب تلقوا معلومات دينية سطحية، دون تكوين راسخ يؤهلهم لمواجهة الأسئلة الوجودية.

 ـ  الأسئلة الفلسفية الكبرى :

مثل " لماذا الشر ؟ " و" ما معنى الحياة  ؟ " قد تطرح دون أن يجد الشاب أجوبة مقنعة من 

محيطه  أو من رجال الدين...

 ـ  تصادم الدين مع العلم الحديث  : بعض الشباب يرون أن المفاهيم الدينية لا تواكب 

التطور العلمي، فيتجهون للعلم كمصدر وحيد للمعرفة.

   ب ـ  الأسباب النفسية والاجتماعية  :

ـ    الإحباط من الواقع  :  الفقر، البطالة، الاستبداد السياسي، التفاوت الطبقي، 

كلها تخلق شعورا  باليأس قد يترجم إلى رفض ديني.

ـ  التجارب الشخصية السلبية  : كالتعرض للظلم باسم الدين أو رؤية رجال دين يتناقض 

سلوكهم مع تعاليمهم.

  ـ  التمرد على السلطة الدينية أو الأبوية : بعض الشباب يرون في التدين تقييدا لحريتهم الفردية.

       ج ــ  التأثير الإعلامي والثقافي   :

 ـ   الانفتاح الرقمي : الإنترنت ووسائل التواصل وفرت للشباب محتوى فكريا ضخما، 

منه ما يروج  للإلحاد بمنهجية مدروسة .  و شخصيات مؤثرة ملحدة : 

مثل ريتشارد دوكينز وسام هاريس وغيرهم، يقدمون أطروحات فلسفية

 وعلمية تنتقد الأديان بأسلوب جذاب...

ــ الأسباب الذاتية   ــ خاصة بالشخص الملحد ــ  :    ثنائية القابلية للاستهواء والتأزم  ؛

 فالاستهواء عرف ؛ بأنه :  استعداد الشخص لتقبل فكرة مع عدم وجود الأسباب الكافية لتقبلها؛

      والقابلية للاستهواء هو أن الشخص يتقبل المعلومة ؛ أو الفكرة ويثق بها مع عدم 

وجود أدلة منطقية لتقبلها ؛ بمعنى وجود قابلية في الشخص للشكوك والإلحاد، ثم يقع في أزمة 

فيتأثر بهذه المعلومات والأفكار التي سمعها مسبقا  ؛ وهذا الأسلوب هو ما يركز عليه 

الملحدون الجدد في طرح أفكارهم ؛ فهم يروجون الأفكار بطريقة تدعو إلى الاستهواء.

  ــ   الفراغ الروحي  : عدم الشعور بالراحة مع العبادة ؛ أو بلذة العبادة ؛  

وكثرة المعاصي مع جفاف الروح ؛ وقسوة القلب فلا يتأثر بالقرآن الكريم ؛

 ولا تؤثر فيه الأحاديث والمواعظ والعبر ؛

 وهذا أغلبه بسبب الغفلة والبعد عن الله  سبحانه؛والبعد عن اتباع سيدنا عليه الصلاة و السلام ؛   

والنفور من الطاعات ؛ واقتراف المعاصي  .

   ـ السطحية الفكرية وغياب الهدف :  فاعتلال الفكر ؛ وغياب العقل ؛ وضبابية المنهج  ؛

أي  : عدم استيعاب المنهج الرباني الذي ارتضاه الله لنا وفقدان الهدف ؛ 

وهذا ما يعرف بالسطحية الفكرية وغياب الهدف .

         كل هذه الأسباب و غيرها تجعل الشباب يصبحون عرضة للانحراف ومن ثم للإلحاد ...

      3  ــ مظاهر الإلحاد الجديد بين الشباب  :

 ـ   التشكيك العلني في المسلمات : أصبح بعض الشباب يعبرون عن شكوكهم الدينية في العلن.

ـ    الانسحاب من الطقوس الدينية : كالصلاة، الصيام، أو حضور الجمعات، دون خوف أو تردد.

ـ   النشاط عبر الإنترنت  : مجموعات وصفحات ملحدة تنشط بلغة عربية، 

تقدم محتوى فلسفيا ينتقد الدين.

ـ    الاستفزاز أحياناً : بعض المراهقين يتبنون مواقف استفزازية للتعبير عن إلحادهم 

كرد فعل على ضغط ديني.

     4 ــ ردود الفعل الدينية والمجتمعية  :

   ـ ردود الفعل الدينية  :

   كثير من المؤسسات الدينية واجهت الإلحاد بالتحريم والتكفير، دون معالجة فكرية حقيقية.

ـ    بعض الدعاة والمؤسسات بدأت مؤخرا تتبنى خطاباًعقلانيا، 

يجيب عن الشبهات ويعيد طرح الدين في قالب معاصر.

   ـ  ردود الفعل المجتمعية  :

  في مجتمعات محافظة، يعتبر الشاب الملحد خارجا عن الأعراف، ويواجه بالتهميش أو حتى العنف أحيانا.

   في المقابل، مجتمعات أخرى بدأت تُظهر قدرا من التسامح مع حرية الفكر والاعتقاد.

    5 ــ آثار الإلحاد على الشباب والمجتمع  :  

 ـ   فقدان البوصلة القيمية و الأخلاقية  : حين لا يعوض الإيمان بأي منظومة بديلة ، 

يشعر الشاب بالضياع الوجودي.

 ـ   ضعف الانتماء :  الملحدون يشعرون بالغربة داخل مجتمعاتهم، وقد يتجه بعضهم

 للاغتراب الفكري أو الهجرة.

 ـ   القلق النفسي : غياب اليقين قد يؤدي إلى القلق أو الاكتئاب لدى بعض الشباب، 

خاصة في لحظات الأزمات.

     6 ــ نحو معالجة عقلانية للظاهرة  :

  أــ التجديد الديني :    طرح الدين بلغة عقلية وإنسانية، تربط بين الإيمان والعلم والحياة اليومية.

  الاهتمام بالأسئلة الوجودية للشباب وتقديم أجوبة عقلانية وعاطفية في آن .   واحد

ب  ـ التربية النقدية  :   بدل فرض المعتقدات، ينبغي تعليم الشباب 

كيف يفكرون بأنفسهم، ويصلون للحقيقة بحرية  ؛ و إشاعة ثقافة الحوار لا المنع والتخويف.

ج ــ دعم نفسي واجتماعي  :   كثير من الملحدين الشباب يمرون بصراعات داخلية، تحتاج إلى

احتواء وتفهم، لا إلى إدانة ـــ             ...  صورة كارل ماركس      ـــ 

الغر بية و العربية ؛

      فضلا عن سبل مواجهة الإلحاد التوصية بما يلي :

   ضرورة دراسة الإلحاد من حيث جذوره ونشأته وإفراد ذلك بدراسة تأريخيه ؛ 

وعلى طلبة علم التاريخ البحث في موضوع ـ الإلحاد؛ مفهومة ؛ جذوره ونشأته وأسبابه

 - دراسة تاريخية ـ

    إفراد كل أوجه الإعجاز القرآني بدراسات مستقلة لبيان دورها في مواجهة الإلحاد الجديد.

    غلق كل المواقع الإلحادية أو التي تنشر الشذوذ والرذيلة على وسائل التواصل 

الاجتماعي ؛ ومعاقبة المروجين لها.

    دعوة وزارات الأوقاف في البلدان الإسلامية إلى إنشاء مراكز تخصصية علمية 

لمواجهة الإلحاد ومحاورة الملحدين ؛ ونقض أفكارهم وتفنيدها ؛ والإجابة على أسئلتهم ؛ 

أو أسئلة من تأثر بهم من أبناء جلدتنا ...

      فالإلحاد الجديد بين الشباب ليس فقط ظاهرة فكرية ، بل هو تعبير عن تحولات أعمق 

تطال القيم،والهوية، والمعرفة، والسلطة. التعامل معه يحتاج إلى جرأة في الطرح، 

وتواضع في الاستماع،وتجديد في الخطاب الديني والثقافي . 

فالشباب لا يبحثون فقط عن أجوبة، بل عن معنى وصدق وتجربة روحية حقيقية .