عزوف الشباب عن السياسة :
أصبح موضوع عزوف الشباب المغربي عن المشاركة السياسية من المواضيع التي تأرق المهتمين بالنهوض بالشباب على اعتباره رافع تحدي التقدم و الرقي .
و قد أخذ الموضوع في العديد من المنابر الإعلامية و الحوارات التلفزية نقاشا حادا و محاولة معرفة الأسباب الحقيقية وراء هذا العزوف و استخلاص الحلول الموضوعية الكفيلة بالحد من هذه الظاهرة . و الإسراع في إيجاد حلول لجعل الشباب يقبل على المشاركة في الفعل السياسي و ليس المقصود به فقط الإدلاء بالتصويت في صناديق الاقتراع بل خلق أرضية لإرجاع هذه الفئة المهمة إلى الساحة السياسية للمساهمة في تسيير الشأن العام ؛ و تقديم اقتراحات للدفع بعجلة التنمية في جميع أبعادها .
و بعيدا عن تضارب الأرقام المشاركة في الانتخابات الجماعية و التشريعية ؛ يبقى الواقع يشهد بمرارة على هذا النفور إن صح التعبير ؛ لارتباط الظاهرة بقناعات لدى أغلب الشباب حول الموضوع و هو ما تثبته أغلب استطلاعات الرأي ؛
كما أدى انخفاض مستوى الثقة في السياسة بشكل عام و في الأحزاب السياسية بشكل خاص خلال السنوات الأخيرة إلى عزوف واضح عن المشاركة في الانتخابات وفي تدبير الشأن المحلي خاصة
و من بين الأسباب التي تم استخلاصها من خلال مقابلات مع الشباب و استجوابهم ما يلي :
ــ غياب حقيقي للأحزاب و تراجع دورها على حساب المجتمع المدني ؛ ثم غياب الديمقراطية داخل الأحزاب التي تعاني الشيخوخة بين أطرها وقياداتها ؛ ثم تغييب الجانب التأطيري
و التوعوي الذي أصبحت تقوم به جمعيات على جميع المستويات مقابل تراجع الأحزاب .
ــ أصبحت الأحزاب تستقطب الشباب فقط من أجل رفع عدد المنخرطين ؛و التصويت في صناديق الاقتراع؛ لكن يتم إبعادهم عن مراكز القيادة و التسيير و مراكز القرار و تهميشهم سياسيا .
ــ و بالمقابل يلاحظ داخل مؤسسات المجتمع المدني انخراط الشباب في العمل التطوعي لكون هذه المؤسسات تقترب من قضاياهم ومشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية و تساهم في تكوين قيادات تشاركية دون إقصاء ،و إقامة أوراش تدريبية ؛ وتوفير فرص للشباب لإبراز مواهبهم وتفجير طاقاتهم وإثبات ذاتهم .
و هو دليل قاطع على أن الشباب لم يجد المناخ اللازم داخل العمل الحزبي كأرضية للتعبير عن انشغالاته من جهة و المساهمة في البناء و التنمية على جميع المستويات ؛
يمكن القول أن العزوف السياسي نتيجة و تحصيل حاصل ؛ له دوافعه و أسبابه الكثيرة
و المتداخلة والتي أفرزت هذه الظاهرة .
حيث أكد مجموعة من الباحثين الاجتماعيين أن عزوف الشباب عن المشاركة في العمل السياسي تتداخل فيه أسباب ذاتية وأخرى موضوعية وهذا ما أكدته دراسات متخصصة .
و خير دليل هو حسم «لجنة الداخلية والجماعات الترابية» في انتخابات 2021 في مجلس النواب المغربي مصير «اللائحة الوطنية للشباب» التي وقع إلغاؤها، بالرغم من الدفاع الأحزاب سياسية من أجل الإبقاء عليها، لكن تصويت أغلبية أعضاء اللجنة ضدها عجل بإقبارها.
و نتيجة التعديل الجديد القاضي بإلغاء ــ اللائحة الوطنية للشباب ــ المثيرة للجدل، وإضافة المقاعد المخصصة لهم إلى حصّة النساء بهدف زيادة تمثيلهن داخل البرلمان، وبذلك أصبح الحصة المخصصة لهن 90 مقعداً عوض 60 المعتمدة حالياً.
ناهيك عن مشاكل التشغيل و اكتظاظ الجامعات ؛ و انسداد الأفق أمام خريجي التكوين المهني ثم ضعف التوجيه الدراسي وقلة مسارات الاختيار لاكتشاف الميولات في سن مبكرة و عدم ربط
التعليم بالتشغيل انطلاقا من مسارات دراسية واضحة منذ المرحلة الإعدادية .
و بنظرة بسيطة على الاحصائيات نعرف أن نسبة الشباب عالية لكن مشاركتهم سياسيا لا تتعدى 97% وغير منتمين لأي حزب سياسي .
بالنسبة للحلول و التوصيات لمحاولة إرجاع الشباب للفعل السياسي أضغط الصفحة الموالية .